التعافي من المخدرات أمنية كل مدمن ، حتى أثناء التعاطي النشط، فهو يعلم أنه في خطر محدق لابد من الخروج منه في أسرع وقت، ولكنه يظل يؤجل و يؤجل، وهذه مشكلة التعافي من المخدرات الأولى، التأجيل والتسويف، ولكن هناك حتماً طرق للتعافي التام، وهذا ما نحن بصدد الحديث عنه هنا.
علاج الإدمان بداية التعافي من المخدرات:
الإدمان ” هو الاعتمادية الكاملة على مادة بعينها وتعاطيها بشكل دوري ” و لذلك فإن علاج الإدمان لا يستطيع المريض منفرداً أن يقوم به، فهو لا يملك السيطرة على أفعاله وسلوكه الإدماني، ولذلك لابد من إخراجه من حالة عدم القدرة على السيطرة إلى خارجها حتى يعرف ويتعلم كيف يستطيع السيطرة، ولهذا فإن حالة التعافي من المخدرات تعتمد على عدة أسس وطرق لابد من السير فيها وعدم الخروج عنها، لأن شبح الانتكاسة باستمرار يحاصر الطرق الفرعية الغير آمنة.
ولهذا نستطيع القول بأن التعافي من المخدرات عبارة عن حالة مستمرة باستمرار المحافظة على الطرق التي بها يسيطر المريض على نفسه، ومتى ما فقد المريض السيطرة على نفسه فهو معرض للانتكاسة بشكل كبير.
فلا يوجد تعافي كامل ولا مرض كامل، لأننا ذكرنا في مقالات أخرى بأن الإدمان على المخدرات مرض مزمن مثل الأمراض المزمنة المنتشرة، كمرض السكر على سبيل المثال، فمريض السكر لابد من أن يداوم على العلاج الذي يضمن استقرار حالة السكر لديه، و إلا فإنه معرض لمخاطر قد تصل به للموت.
التعافي من المخدرات الكامل يكون باتباع الطرق التي تساعد على البقاء في التعافي، هكذا يكون التعافي الكامل موجوداً، ولكن عند عدم اتباع الطرق التي تساهم في استمراره سوف يكون معرضاً للانتكاسة.
7 طرق تساعد على استمرار التعافي من المخدرات:
إن التعافي من المخدرات والسيطرة على الأفكار والسلوكيات الإدمانية، لابد للمريض فيه أن يكون متفتحاً ذهنياً لتقبل فكرة تلقي المساعدة لضمان استمرار التعافي، ومن أجل ذلك هناك طرق لابد من وضعها في الاعتبار بشكل دائم أمام المريض، وهي:
أولاً: تقبل المرض و القناعة بالتعافي:
إن من أساسيات التعافي الناجح، أن يتقبل المريض كونه مريضاً يحتاج للمساعدة، حتى إذا ما تلقى المساعدة فإنه سيعمل بها، بخلاف من لايصدق ولا يتقبل فكرة مرضه، فبالتالي لن يتقبل فكرة المساعدة.
حين يقبل المريض المرض، يكون قطع شوطاً في التعافي لأنه سيقدر كل مساعدة تصله ويعمل بها.
ثانياً: الابتعاد عن المثيرات:
إن مرض الإدمان يعتبر من الأمراض التي تتعامل مع الدماغ بطريقة خبيثة، فهو لايصل مباشرة لحالة تعاطي المخدرات، بل يعمل بوجود المثيرات، التي هي عبارة عن ” أشياء كان يستعملها في التعاطي، أشخاص كان يتعاطى معهم، أماكن كان يتعاطى بها” هذه المثيرات الثلاثة من أخطر المثيرات التي قد يتعرض لها مريض الإدمان.
ولهذا فإن من الممنوعات التي لا يصح فيها أي نقاش إطلاقاً هذه الممنوعات، فبمجرد رؤية مثير من هذه المثيرات، تتحرك الأفكار لتزيح الستار عن ذكريات التعاطي، وحالات النشوة والسعادة المصاحبة للتعاطي، وبمجرد أن تخرج هذه الأفكار على السطح، لا تهدأ إلا بعد التعامل معها بوجود مختص.
ثالثاً: التواصل والمشاركة مع متعافين سابقين:
إن القيمة العلاجية التي يقدمها متعافي إلى متعافي آخر، تكون مضاعفة، فالمتعافي هو أكثر الناس معرفة بحقيقة مشاعر وأحاسيس المتعافي الآخر، وحين يكون قد قطع شوطاً في التعافي محافظاً عليه، فإنه يصبح خبيراً في كيفية التعامل مع الأفكار السلبية التي قد تخطر ببال المريض، ولهذا فإن التواصل مع متعافين سابقين محافظين على تعافيهم، يحافظ على التعافي مستمراً.
رابعاً: وضع الأهداف والعمل على تحقيقها:
قيل قديماً، أن الفراغ من أكثر الأشياء التي تفسد الأشخاص، ولذلك فإن مريض الإدمان أكثر تأثراً من الشخص العادي بالفراغ، ولهذا يجب وضع أهداف بشكل دوري والسعي لتحقيقها، سواء على المستوى اليومي، فيتم وضع عدة أهداف يعمل على تحقيقها طوال اليوم، حتى ينشغل بها عن الفراغ، وعلى المدى الأسبوعي كذلك وعلى المدى الشهري، والسنوي، فوضع الأهداف والسعي لتحقيقها يضع المريض في حالة من السعي المستمر، والذي لا يسمح للأفكار السلبية أن تتمكن منه.
خامساً: ممارسة الرياضة:
إن ممارسة الرياضة من أهم العوامل التي تساعد على التعافي من المخدرات، فقد قيل” العقل السليم في الجسم السليم ” ودائماً الرياضة تمنح شعوراً بالراحة والسكينة والاستقرار النفسي، ولهذا فإن الأفكار السلبية من النادر أن تصيب الرياضي، فهو نشيط غير كسول لايؤجل الأعمال التي يجب عليه إنجازها، وبالتالي يستمر التعافي من المخدرات.
سادساً: التعامل مع الحل وليس المشكلة:
المشاكل .. موجوده في حياة الجميع، وتؤثر على الجميع، ولكنها تؤثر أيضاً على مريض الإدمان بشكل مضاعف، ولهذا نقول فكر في الحل ولا تفكر في المشكلة، فالتفكير في حل المشكلة دائماً يظهر الوجه الإيجابي في المشكلة، في حين أن التفكير في المشكلة سيزيد من وطأتها على النفس، مما يساعد على نشاط الأفكار السلبية.
سابعاً: لليوم فقط:
هذا أهم طريق لابد أن يسلكه المتعافي ” لليوم فقط ” فمرض الإدمان المزمن لابد من التعامل معه بشكل يومي، اليوم لن أتعرض للمثيرات، اليوم سوف أحقق الأهداف المطلوبة، اليوم سأحافظ على إرادتي قوية، فإن التفكير في التعافي لليوم فقط يساعد على استمرار التعافي، والتفكير في أكثر من ذلك يتسبب بحدوث عبء نفسي على المريض، ولهذا فإن قاعدة لليوم فقط تساعد على استمرارية التعافي من المخدرات.
التعافي من المخدرات في مؤسسة العهد:
تقدم مؤسسة العهد دورات تدريبية مختلفة للمتعافين، كما أنها تساعدهم بشكل مباشر في الحفاظ على التعافي، من خلال نشاطاتها المختلفة سواء عن طريق العيادات الخارجية، أو عن طريق العلاج الجمعي والفردي، وممارسة الأنشطة المختلفة في إطار التعافي من المخدرات، والعمل على استمرار التعافي من المخدرات لدى مريض الإدمان.