مدمن المخدرات، علامة استفهام لدى الكثير، هل هو مريض، هل فاسد أخلاقياً؟ هل نتعاطف معه؟ هذه الأسئلة والكثير مثلها، تتردد كثيراً لدى أسر المدمنين أو المحيطين بهم، فهم دائماً يكونوا على حيرة من أمرهم، كيف يصنفونهم، و كيف يتعاملون معهم، هذا ما سنوضحه في الأسطر القادمة.
الإدمان:
الإدمان ينشأ بسبب الاعتمادية الكاملة على مادة مخدرة بصورة قهرية لا يملك المدمن فيها أن يتوقف عن التعاطي.
ويعتبر المعهد الوطني الأمريكي لتعاطي المخدرات، بأن الإدمان مرض مزمن، وأن المريض لا يملك إرادته في التعاطي فهو يفعل ذلك مجبراً بسبب المرض.
وهذا يحدث لأن المخدرات تغير كيمياء المخ تغيراً جذرياً مما يجعله غير قادراً عن التوقف.
كما أشار بعض العلماء بأن الإدمان يغير طريقة عمل الموصلات العصبية في الدماغ بشكل قاطع حيث لا تعود هذه الموصلات لسابق عهدها حتى بعد التوقف عن تعاطي المخدرات.
الإدمان حالة نفسية أو عضوية:
يعتبر الإدمان خليط من الحالتين النفسية والعضوية، لكن العضوية تكون ذات تأثير عالي أثناء التعاطي النشط، فأعراض الانسحاب التي تجعل المدمن يعود للتعاطي مرة أخرى هي حالة عضوية، كما أن الخلل في الموصلات العصبية في الدماغ يعتبر عضوي أيضاً.
كل هذا ينتج عنه عدة اضطرابات أو أمراض نفسية، بحسب استعداد الشخص نفسه للمرض، إذ تعتبر المخدرات من أقوى المحفزات للأمراض والاضطرابات النفسية، التي تكون تتنوع ما بين ” اكتئاب و قلق وتوتر و ذهان ” كما أنها تزيد من تأثير الأمراض النفسية التي لها تأثيراً عميقا ومزمناً كالوسواس القهري والفصام، ولهذا فإن علاج مدمن المخدرات يكون بشقيه الجسدي والنفسي.
سمات مرض الإدمان:
إن لكل مرض أعراض وسمات ولذلك فلقد تم رصد عدة سمات تميز مدمن المخدرات مريض المخدرات:
الإنكار:
و الإنكار بالنسبة لمدمن المخدرات من الأشياء التي يتميز بها، والإنكار هنا لايشترط إنكار التعاطي، بل إنكار حقيقة واقعية رغم أنه يعلم حقيقتها، كحقيقة أنه مريض إدمان ولابد من الخضوع للعلاج، فهو يعلم أنه لايستطيع التوقف عن التعاطي منفرداً لكنه ينكر حقيقة كونه مريضاً بالإدمان، والإنكار يختلف عن الكذب الصريح.
العزلة والوحدة:
مدمن المخدرات يبتعد تدريجياً عن الجميع، رغم وجوده بين الجميع، فهو يعيش بين الناس، ولكن في زاوية بعيدة، منفرداً بتعاطيه وأفكاره وسلوكياته، ومع الوقت يكون وحيداً تماماً، لاسباب كثيرة تختلف من شخص لآخر، ولكن في أساسها، عدم تقبل الآخر وعدم تقبل حقيقة نفسه.
التبرير:
مدمن المخدرات يكاد يكون ملك المبررات، فهو لديه مبررات لكل ما يفعله رغم خطورته، أو كما يقال ” لديه شماعات مختلفة ” وهذا من سمات مرض الإدمان، فهو يحاول بمبرراته المختلفة أن يخفي حقائق واقعية، سواء لعدم تقبلها، أو ليخرج نفسه بهذه المررات من اللوم والعتاب.
الإساغة:
الإساغة عبارة عن مهارة كلامية يتمتع بها المدمن، وتعتبر من أخطر سمات مدمن المخدرات، فهو يجيد أن يسوق الحقائق ولكن بشكل مختلف يصب في مصلحته من دون كذب، وهي عبارة عن اللعب بالكلمات و الألفاظ، وهذه سمة يكتسبها مع الوقت.
الانحلال الأخلاقي:
يعتبر الانحلال الأخلاقي لدى مدمن المخدرات، نتيجة وليست طبيعة، وهي نتيجة للطريقة التي يمارس بها حياته، فمجتمع الإدمان والمخدرات ليس له قواعد أخلاقية، ولأنه مدمن مخدرات فإنه يكتسب هذه السمة مع الوقت، وهذه سمة قد لاتكون لدى كل مدمني المخدرات.
التدهور:
هو نتيجة حتمية يعيشها مدمن المخدرات بسبب الإغراق في التعاطي، فيحدث الانهيار على كل المستويات، الانهيار النفسي والجسدي، وعلى مستوى العمل أو الدراسة، والمنزل و الأسرة، يحدث الانهيار بشكل تدريجي ولا يستفيق منه المدمن سوى في القاع.
الاستبدال:
هو عبارة عن تنقل بين أنواع المخدرات المختلفة بنية التوقف عن تعاطي مخدر معين، فيلجأ لمخدر آخر، فتجده يستبدل الهيروين بالترامادول ، ويستبدل الترامادول بالحشيش وهكذا، وقد يحدث الاستبدال نفسياً، فيستبدل سلوكاً إدمانياً بسلوك آخر يشعره بنفس السعادة و الإثارة.
الإحساس بالذنب:
وهو من أخطر السمات التي تصيب مدمن المخدرات، فهو يشعر بالذنب بشكل مضاعف عن الشخص الطبيعي، ويكون هذا الشعور قاسياً عليه، فيضطر لإطفائه بالمخدرات، والعزلة والوحدة بعيداً عن الآخرين، وقد يتطور معه الأمر للاكتئاب وربما الأفكار الانتحارية و إنهاء المعاناة.
الإحراج:
نتيجة إدمانه على المخدرات يحدث لدى مدمن المخدرات نوع من الخجل المزمن، فهو شديد الإحراج في التعامل مع الآخرين، بسبب خوفه من نظرة الآخرين له، ولذلك فهو يضيق دائرة معارفه مع الوقت، ويجعلها مقتصرة على من يتعاطى معهم المخدرات، أو من هم في نفس هذا الوسط.
تعامل مؤسسة العهد مع مدمن المخدرات:
من أوائل المؤسسات التي برزت في مجال علاج الإدمان، كما أنها معروفة بمدى حرفيتها في التعامل مع مدمن المخدرات، وهذا للخبرة الطويلة في هذا المجال، وفريقها العلاجي المميز الذي تفوق في استعمال البرامج العلاجية المختلفة في التعامل مع مدمن المخدرات.
أبرز طرق علاج مدمن المخدرات في مؤسسة العهد:
تتميز مؤسسة العهد بتنوع طرق علاج مدمن المخدرات فيها، نذكر منها على سبيل المثال:
برنامج الـ 12 خطوة لعلاج الإدمان:
وهو ما يعرف ببرنامج الـ NA أو برنامج المدمنين المجهولين، وهو عبارة عن برنامج علاجي يتكون من 12 خطوة يتم تطبيقها، تساعد المريض على التعامل مع أفكاره السلبية وكيفية تعامله مع السلوكيات السلبية المختلفة، وهو مبني على المشاركة الجماعية و الفردية.
برنامج المعرفي السلوكي:
وهو برنامج يعتمد على معرفة المريض بحقيقة الأفكار التي تنتابه، ومعرفة حقيقة وأسباب السلوكيات المختلفة التي يمارسها بصورة تلقائية أو بصورة انتقائية.
برنامج النالتركسون:
وهو يعتبر برنامج “صيانة وقائي” حيث يتم إعطاء المريض مادة النالتركسون فيتم من خلالها إغلاق المستقبلات الأفيونية في الدماغ، فمهما تعاطى، لاتوجد نشوة ولا إحساس بالمخدر، بالتالي لا يقدم على التعاطي حينها، وهذا البرنامج يقرر الطبيب فقط مدى تناسبه مع المريض.
برنامج الماتريكس:
وهو عبارة عن مزيج لبرامج مختلفة ثبت نجاحها بشكل كبير، حيث يتم مزج البرامج العلاجية بشكل يتوافق مع حالة المريض و احتياجاته، حتى يتم التعافي بشكل يساعده على عدم الانتكاسة مرة أخرى.
برنامج علاج الإدمان في 28 يوم:
علاج الإدمان في 28 يوم، عبارة عن برنامج علاجي مكثف، وهو خاص بمن لهم ظروف خاصة لا يستطيعون معها إكمال البرنامج العلاجي الكامل، حيث تتم المتابعة بعد انتهاء البرنامج من خلال الجلسات العلاجية الجمعية والفردية لاستمرار التعافي.
برنامج علاج الإدمان في 7 أيام:
وهو برنامج علاجي خاص بأعراض الانسحاب، حيث يتم المريض علاج أعراض الانسحاب، ثم يكون متواجداً في البرنامج العلاجي الشامل لنصف اليوم، أو متابعة الجلسات العلاجية الجمعية والفردية بصورة شبه يومية، وهو خاص بالموظفين أو الطلبة الذين ليس باستطاعتهم الإقامة الكاملة لإتمام البرنامج العلاجي الكامل.
علاج الإدمان في المنزل:
وهو من أكثر البرامج التي يستفسر عنها الجميع، وهو عبارة عن رحلة التعافي في المنزل بدلاً من مركز لعلاج الإدمان، ولابد أن يتم تحت رعاية مركز متخصص لعلاج الإدمان، فينتقل فريق علاجي لمتابعة المريض في المنزل على مدار الساعة، طوال فترة العلاج التي يحددها المركز العلاجي.