اكتئاب ما بعد الولادة هو مزيج معقد من التغيرات الجسدية والعاطفية والسلوكية التي تحدث لبعض النساء بعد الولادة كما يعتبر شكل من أشكال الاكتئاب الشديد الذي يبدأ في غضون 4 أسابيع بعد الولادة ولا يعتمد تشخيص اكتئاب ما بعد الولادة على طول الفترة الزمنية بين الولادة والبدء فحسب بل على شدة الاكتئاب ويرتبط هذا النوع من الاكتئاب بالتغيرات الكيميائية والاجتماعية والنفسية التي تحدث عند الإنجاب ويصف المصطلح مجموعة من التغيرات الجسدية والعاطفية التي تعاني منها العديد من الأمهات الجدد لكن الخبر السار أنه يمكن علاجه بالأدوية والاستشارة.
تتضمن التغيرات الكيميائية انخفاضًا سريعًا في الهرمونات بعد الولادة ولا يزال الرابط الفعلي بين هذا الانخفاض والاكتئاب غير واضح لكن ما هو معروف أن مستويات هرمون الاستروجين والبروجسترون (الهرمونات التناسلية الأنثوية) تزيد عشرة أضعاف أثناء الحمل ثم تنخفض بشكل حاد بعد الولادة أي بعد 3 أيام من ولادة المرأة وتنخفض مستويات هذه الهرمونات إلى ما كانت عليه قبل الحمل وبالإضافة إلى هذه التغيرات الكيميائية فإن التغيرات الاجتماعية والنفسية لإنجاب طفل تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.
إذا كنت ترغب بمعرفة المزيد من المعلومات عن اكتئاب ما بعد الولادة فأنت في المكان الصحيح، في هذا المقال ستجد جميع المعلومات المتعلقة بهذا الاكتئاب وأعراض حدوثه وطرق تشخيصه ونصائح الأطباء وخبراء الصحة النفسية لعلاجه والعديد غيرها، هيا بنا نبدأ!
أعراض اكتئاب ما بعد الولادة
تعاني معظم الأمهات الجدد من الكآبة النفسية بعد الولادة فحوالي 1 من كل 10 من هؤلاء النساء ستصاب باكتئاب أكثر حدة وأطول أمدًا بعد الولادة وحوالي 1 من كل 1000 امرأة تصاب بحالة أكثر خطورة تسمى ذهان ما بعد الولادة والآباء ليسوا محصنين حيث تظهر الأبحاث أن حوالي 1 من كل 10 آباء جدد يصابون بالاكتئاب خلال العام الذي يولد فيه طفلهم فيما قد يكون من الصعب اكتشاف أعراض اكتئاب ما بعد الولادة لكن يمكن القول أن العديد من النساء تعاني من هذه الأعراض بعد الولادة:
- مشاكل في النوم
- تغيرات في الشهية
- التعب الشديد
- انخفاض الرغبة الجنسية
- تغيرات مزاجية متكررة
تأتي هذه الأعراض جنبًا إلى جنب مع الأعراض الأخرى للاكتئاب الشديد والتي لا تكون نموذجية بعد الولادة وتشمل:
- عدم الاهتمام بطفلك أو الشعور بعدم ارتباطك به
- البكاء طوال الوقت غالبًا بدون سبب
- اكتئاب المزاج
- الغضب الشديد والغرابة
- فقدان المتعة
- الشعور بانعدام القيمة واليأس والعجز
- أفكار في الموت أو الانتحار
- أفكار بإيذاء شخص آخر
- صعوبة في التركيز أو اتخاذ القرارات
نادرًا ما تحدث أعراض اضطراب الوسواس القهري الجديد في فترة ما بعد الولادة وعادة ما ترتبط الهواجس بمخاوف بشأن صحة الطفل أو مخاوف غير عقلانية من إيذاء الطفل فيما قد يحدث اضطراب الهلع أيضًا ويمكن أن تصاب بهذه الحالات والاكتئاب في نفس الوقت ويمكن أن يشكل عدم علاج اكتئاب ما بعد الولادة خطورة على الأمهات الجدد وأطفالهن حيث يجب على الأم الجديدة طلب المساعدة الطبية إذا:
- استمرت الأعراض لأكثر من أسبوعين
- لا تتمكن من العمل بشكل طبيعي
- لا تتمكن من التعامل مع المواقف اليومية
- أفكار بإيذاء النفس أو الطفل
- الشعور بالقلق الشديد والخوف والذعر معظم اليوم
أسباب اكتئاب ما بعد الولادة وعوامل الخطر
إذا كنت تعانين من هذا الاكتئاب فهذا ليس لأنك فعلت شيئًا خاطئًا حيث يعتقد الخبراء أن هذا يحدث لأسباب عديدة ويمكن أن تختلف باختلاف الأشخاص حيث تتضمن بعض الأشياء التي يمكن أن تزيد من فرص الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة ما يلي:
- تاريخ من الاكتئاب قبل الحمل أو أثناء الحمل
- العمر في وقت الحمل فكلما كنت أصغر سنًا زادت نسبة الاكتئاب
- التناقض حول الحمل
- الأطفال أي كلما زاد عدد الأطفال لديك زادت احتمالية إصابتك بالاكتئاب في فترة الحمل المتأخرة
- تاريخ عائلي لاضطرابات المزاج
- المرور بحدث مرهق للغاية مثل فقدان الوظيفة أو أزمة صحية
- إنجاب طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة أو المشاكل الصحية
- إنجاب توأم أو ثلاثة توائم
- وجود تاريخ من الاكتئاب أو الاضطراب المزعج السابق للحيض
- دعم اجتماعي محدود
- العيش وحيدا
- الصراع الزوجي
لا يوجد سبب واحد لهذا الاكتئاب ولكن هذه المشكلات الجسدية والعاطفية قد تساهم بحدوثه:
- الهرمونات: قد يلعب الانخفاض الكبير في هرمون الاستروجين والبروجسترون بعد الولادة دورًا في ذلك وقد تنخفض الهرمونات الأخرى التي تفرزها الغدة الدرقية أيضًا بشكل حاد وتجعلك تشعر بالتعب والركود والاكتئاب.
- قلة النوم: عندما تكون محرومًا من النوم ومرهقًا فقد تواجه مشكلة في التعامل حتى مع المشكلات البسيطة.
- القلق: قد تكون قلقًا بشأن قدرتك على رعاية المولود الجديد مما يسبب اكتئاب.
- تشوه التصور الذاتي: قد تشعر أنك أقل جاذبية أو تعاني من إحساسك بهويتك أو تشعر أنك فقدت السيطرة على حياتك حيث يمكن لأي من هذه المشكلات أن تساهم في الاكتئاب.
أنواع اكتئاب ما بعد الولادة
تحدث الكآبة النفسية لما يصل إلى 70٪ من النساء في الأيام التي تلي الولادة مباشرة وقد يكون لديك تقلبات مزاجية مفاجئة مثل الشعور بالسعادة الشديدة ثم الشعور بالحزن الشديد وقد تبكي بدون سبب ويمكن أن تشعر بفارغ الصبر وغرابة في الأطوار والقلق والوحدة والحزن وقد يستمر الشعور بالكآبة لبضع ساعات فقط أو قد تستمر من أسبوع إلى أسبوعين بعد الولادة وعادةً لا تحتاج إلى علاج من مقدم رعاية صحية لحالة الكآبة هذه وغالبًا ما يساعد الانضمام إلى مجموعة دعم من الأمهات الجدد أو التحدث مع أمهات أخريات.
يمكن أن يحدث اكتئاب ما بعد الولادة بعد أيام قليلة أو حتى أشهر بعد الولادة حيث يمكن أن يحدث هذا الاكتئاب بعد ولادة أي طفل وليس الطفل الأول فقط ويمكن أن يكون لديك مشاعر مشابهة لحالة الكآبة النفسية أو الحزن أو اليأس أو القلق أو الغرابة لكنك تشعر بها بقوة أكبر وغالبًا ما يمنعك هذا الاكتئاب من القيام بالأشياء التي تحتاج إلى القيام بها كل يوم فعندما تتأثر قدرتك على أداء الوظائف فأنت بحاجة إلى زيارة طبيب نفسي أو رعاية صحية حيث يمكن لهذا الطبيب فحصك بحثًا عن أعراض الاكتئاب والتوصل إلى خطة علاجية وإذا لم تحصل على علاج لاكتئاب ما بعد الولادة فقد تزداد الأعراض سوءًا.
يتم التعامل مع هذا الاكتئاب بشكل مختلف اعتمادًا على نوع الأعراض ومدى شدتها حيث تشمل خيارات العلاج الأدوية المضادة للقلق أو مضادات الاكتئاب والعلاج النفسي والمشاركة في مجموعات الدعم العاطفي والتعليم وبالنسبة للحالات الشديدة يمكن وصف دواء وريدي جديد يسمى بريكسانولون (زولريسو).
Pingback: علاج الاكتئاب في المنزل