الإدمان على المخدرات

تطور الإدمان على المخدرات في التاريخ

تطور الإدمان على المخدرات في التاريخ أمر ثابت، فمنذ أن اكتشف الإنسان المخدرات عبر آلاف السنين، وهو يطور منها على مدار الوقت، فتارة يطور في طريقة التعاطي، وتارة يطور في استخلاص الأنواع، وتارة يطور في شكل المفعول الناتج عن تعاطيها، وهكذا حتى وصل الأمر إلى ما نحن فيه اليوم من الإدمان على المخدرات.

تاريخ الإدمان على المخدرات:

يختلف تاريخ الإدمان على المخدرات، عن تاريخ المخدرات ذات نفسها، فأول استخدامات المخدرات كانت استخدامات طبية في الأصل، ولكن سوء الاستعمال حولها من دواء لداء قاتل مهلك، فلقد عرف الصينيون القنب عام 2737 قبل الميلاد، كما عرف سكان وسط آسيا الأفيون في الألف السابعة قبل الميلاد، كما عرفه أيضاً قدماء المصريين، كان يستخدم لعلاج بعض الأمراض ومسكن للآلام المختلفة.

و على امتداد التاريخ كانت المخدرات تظهر أولاً، ثم بعد ظهورها بسنوات معدودة، يساء استخدامها من قبل المتداوين بها، فيحدث الإدمان على المخدرات، ولهذا فإننا نقول بأن تاريخ الإدمان كحالة مرضية جاء بعد اكتشاف المخدرات والتداوي بها، ومن ثم اكتشف بأنها تمنح شعوراً معيناً، فأدمن الناس تعاطيها لا من أجل التداوي، بل من أجل هذا الشعور الجديد المكتشف، وهكذا انتشر الإدمان على المخدرات و تداولتها الأمم بعضها بعد بعض حتى وصلت ليومنا الحاضر.

تاريخ المخدرات:

تاريخ المخدرات ضارب في عمق التاريخ الإنساني، حتى أن بعض المؤرخين يرى بأنه لايستطيع أحد الجزم بوقت ظهور مخدر معين، وأن المخدرات موجودة منذ وجود الإنسان نفسه، فهي عبارة عن نباتات، وهذه النباتات موجودة في الطبيعة لم يستحدثها الإنسان.

ولكن كل ما فعله الإنسان أنه استخلص منها بعض المواد المعينة، واكتشف تأثيرها بالاستعمال، وهنا نستعرض معاً تاريخ أهم المخدرات في التاريخ، حتى نستطيع تكوين فكرة عن أصل المخدرات وكيف تم التعامل معها:

تاريخ الخمور “الكحول”:

يعتبر الصينيون أول الأمم معرفة بالخمور، فهم أول الأمم التي قامت بتخمير الأطعمة الطبيعي، فلقد خمروا الأرز والقمح والشعير، ثم عرفوا نبيذ العنب بعد أن تم التواصل بينهم وبين الرومان عام 200 قبل الميلاد، ولقد تطور مع الوقت طريقة التخمير لهذه المواد، حتى أنه تم العمل على تخمير أنواع أخرى من الفاكهة، مثل التفاح و التمور، ثم انتشرت الخمور و طريقة تصنيعها في أرجاء الأرض.

تاريخ الأفيون:

يعتبر الأفيون من أقدم المخدرات ظهوراً على الأرض، فلقد عرفه سكان وسط آسيا في الألف السابعة قبل الميلاد، ثم عرفه قدماء المصريين، ثم انتقل للسومريين، ومنهم لليونانيين الذين استخدموه استخداماً إدمانياً ضاراً، حتى أن حكماء اليونان منعوا الناس من تعاطيه وعاقبوا من كان يتعاطاه، ولكن ظل الأفيون موجوداً يتم التعامل به طبياً تارة ، ويساء استخدامه تارة أخرى ، حتى وصل في مرحلة من مراحل التاريخ أن كان سبباً أكبر الحروب بين الصين وبريطانيا، و المعروفة بـ “حرب الأفيون” .

ومازال الأفيون حتى يومنا هذا موجوداً، حتى أنه تم استخلاص العديد من المخدرات منه مثل ” الهيروين ، والمورفين ، والكودايين” ومازالت الحكومات تحارب انتشارة بشكله الإدماني البالغ الضرر لتلافي الإدمان على المخدرات المنتشر.

تاريخ الحشيش:

أيضاً نجد شعوب وسط أسيا من أوائل الشعوب التي اكتشفت مفعول نبات “القنب الهندي” فقد ظهر خلال عام 2737 قبل الميلاد، حيث كان نبات القنب يستخدم أليافه في صناعة الكتان وبعض الأقمشة، ثم تطور استعماله للتعاطي عند الصينيين، ثم انتقل إلى قدماء المصريين حيث كان يستخدم ألياف نبات القنب في الثياب وكان يستخدم أيضاً في بعض الطقوس الروحانية لدى الكهنة في المعابد، وانتقل لجماعة ” السيخ ” في الهند، والذي استخدموه في التعاطي ليمنحهم مايسمونه سمواً روحانياً، فكانوا يستخدمونه بشكل مكثف في الأعياد الدينية ، ومازالوا.

ثم تم استخلاص الحشيش من المادة اللبنية على نبتة القنب بطريقة معينة ، ومن ثم تعاطيها كمخدر عالي التخدير.

تاريخ المورفين:

كما ذكرنا أنه تم استخلاص بعض المخدرات من الأفيون، ومن أبرز هذه المخدرات على الإطلاق “عقار المورفين” وهو يستخدم في التخدير الكامل والجزئي في العمليات الجراحية، حيث تم تصنيعه عام 1898م حيث أنتجته شركة باير للأدوية، ولكنه تم استعماله بشكل إدماني في الحرب العالمية الأولى والذي جعل الحكومات في العالم تعاقب على استخدامه استخداماً إدمانياً أو تداوله و تهريبة خارج إطار القانون.

تاريخ الهيروين:

هو من العقاقير المصنعة من المورفين المصنع من الأفيون، وتم تصنيعه عام 1989م  وكان يعالج عدة أمراض منها السل والربو و بعض أمراض الصدر، وتم حظره قانوناً بعد استخدامه ك إدمان .

تاريخ الترامادول:

في عام 1962م قامت شركة ألمانية، بتصنيع عقار الترامادول، وهو عقار مخلق على الكودايين وله نفس صفاته المسكنة للألم، وتم اختباره داخل ألمانيا، ثم تم تصديره للأسواق الخارجية عام 1977م

ولكن تم اكتشاف طبيعته الإدمانية، ولهذا منعت الحكومة الألمانية تداوله داخل ألمانيا، وتم تصديره بعدها للعالم العربي بداية من عام 1995م، وأصبح له انتشاراً كبير داخل مصر حتى تم إدراجه ضمن قوائم المخدرات الممنوع تداولها واستعمالها دون وصفة طبيب معتمد من وزارة الصحة.

نسب إدمان المخدرات داخل مصر:

يهمنا أن نشير إلى حقيقة مهمة قبل الحديث عن نسب الإدمان داخل مصر، وهو أن النسب التي سنذكرها، هي ما تم رصدها بشكل رسمي من خلال الخط الساخن ومن خلال مراكز علاج الإدمان المختلفة، وهذا يعني أن هناك نسب أخرى غير رسمية ، وقد يبالغ فيها، ولهذا نذكر هنا النسب التي ذكرتها مراكز البحث المعنية الرسمية.

فلقد ذكر مدير الخط الساخن بصندوق مكافحة وعلاج الإدمان في سبتمبر عام2020م أن أكثر الفئات العمرية التي تتعاطى المخدرات بشكل إدماني، هي مابين 20 و30 عاماً، حيث أن نسبة التعاطي في هذه الفئة العمرية 14 ألف و 958 بنسبة 34%

و وصلت إلى 12 ألف و238 في الفئة مابين 30 و40 سنة، بنسبة27.87%

و 10 آلاف و 935 في الفئة العمرية من 15 و20 عاماً بنسبة 24.9%

كما ذكر أيضاً أن هناك نحو 29 ألف شخص يتعاطون مخدر الحشيش بنسبة 95% حيث أنه الأكثر انتشاراً.

يأتي من بعده مخدر الترامادول بنسبة 52.65% حيث يتعاطاه نحو 23 ألف شخص.

ثم يأتي الهيروين بنسبة 36.75% حيث يتعاطاه 16 ألف شخص.

ثم الاستروكس بنسبة 11.5% حيث يتعاطاه ما يزيد عن 5052 شخص.

أنواع المخدرات في مصر :

تعتبر الكثافة السكانية في مصر من أهم أسباب انتشار المخدرات بشكل كثيف فيها، ومع عدم وجود التوعية المناسبة “أحياناً” يجعل من انتشار أنواع مختلفة من المخدرات أمراً متكرراً، رغم تصدي الحكومة لمروجي المخدرات باستمرار، و تتنوع المخدرات في مصر ما بين مخدرات ذات رواج عالي في السوق، أو ما تعرف بالمخدرات الشعبية، مثل:

  • الأفيون.
  • الحشيش.
  • البانجو.
  • الاستروكس.
  • الترامادول.
  • ليريكا أو البريجابلين.
  • الفودو.
  • الشبو ” الكريستال ميث”
  • الباودر ” مؤخراً”

 ثم هناك بعض المخدرات التي تنتشر في أوساط معينة، مثل:

  • الكوكايين.
  • الكبتاجون.
  • اكستاسي.
  • إل.إس.دي.
  • المذيبات.
  • الهيروين.

خاتمة عن المخدرات:

الإدمان على المخدرات، كما رأينا هو أمر ضارب في أعماق التاريخ، يظهر بأشكال مختلفة، وبصور مختلفة، ولكن الثابت أن إدمان المخدرات من مهلكات الشعوب، وسبب أساسي في انهيار الحضارات، فهو يدمر الشباب الذين هم عماد كل شعب، وأي حضارة، كما أنه سبب أساسي للتفككات الأسرية والمجتمعية، فكل أسرة تعاني من وجود مدمن على المخدرات فيها، فهي في أزمة حقيقية، لابد من مواجهتها حتى لا يستفحل خطره أكثر وأكثر، ولهذا فإن مؤسسة العهد للطب النفسي و علاج الإدمان، تقدم خدماتها في مواجهة الإدمان بشكل مكثف، من أجل بناء مجتمع صحي متعافي واعي يساعد على التنمية والتقدم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *